تعيش بوادي و قرى البلاد هذه الأيام ذروة موسم الخريف، البهيج بمناظر طبيعته الساحرة، التي تدخل السرور و الحبور على قلوب كل المصطافين فيها, دون استئذان و يوميا يسير أصحاب الوكالات السفرية عشرات، من الرحلات الداخلية، نحو وجهات مختلفة من ربوع وطننا الجميل و يلاحظ توافد كبير للمسافرين، من أسر و أفراد، طوال ساعات اليوم، على تلك المحطات يحركهم الشوق و يحلق بهم الحنين إلى ديار و منازل عامرة نيطت، ذات يوم مشهود، بها عليهم تمائم.. ليقاسموا أهليهم و قراباتهم لحظات التمتع و الأنس بأجواء الخريف المنعشة، و ليتنزهوا في أوقات الأصيل بين المروج الآسرة الممتدة عن كل الجهات مد البصر و يسقي غيث الخريف منابع الفرح في أرواحنا لتنبت من جديد بداخلنا آمالا و تفجر جداولا من معين حيوية الحياة المتجددة النابضة.. لتجعل الجميع يعيشون خارج دائرة سطوة اكراهات واقع الحياة المعاصرة المرير. وطوال فترة موسم الخريف تذهب بالمتنزهين هواياتهم طرائق قددا، و كأن الفرحة لا يسعها إلا أن يشرب الكل من كأس نخبها المبذول، فتشاهد الكبار مع من هم دونهم سنا يتعاطون صنوفا من الترفيه و الترويح عن النفس، خلتهم نسوها وانمحت من الذاكرة العتية تحت وطأة هموم الدهر و نوائبه.. فهذا يقرض أبياتا فصيحة او ينظم قصيدا لهجيا يطلق فيه العنان لذاكرة حبلى بالكثير و الكثير من قيم النبل و معاني الفتوة.. وذاك يجندل برصاصاته النافذة " الشارة" وسط هتافات المشجعين و زغاريد المشجعات.. و آخر يسابق الريح على صهوة جواد ضليع في الكر و الفر أو من فوق سنام " مركوب" من الإبل يسعى حثيثا لإحراز قصب السبق.. لوحة متناسقة الألوان يسطرها مقدم فصل الخريف السنوي بما يجلب معه من زيارات عائلية و خير عميم.. يشجع و يغري الناس للعودة لمواطنها الأصلية، فينعكس ذالك ايجابا على الساكنة المرابطة طوال أشهر العام بتلك المناطق الداخلية.. و لا شك أن تبادل الزيارات الفردية و الجماعية بين مناطق البلاد الداخلية وتكثيف ذالك عبر تشجيع السياحة البينية بين قرى و مدن الداخل الموريتاني ستبعث على الإنتماء و الإعتزاز أكثر بكل شبر من أرضنا المقدسة، فتتكمن الدولة و المجتمع من بناء مواطن موريتاني يتكلم لغات وطنه كلها و يعرف عن ظهر قلب كل مساقط المطر و منابت العشب في بلده.. مواطن لا ينتمي لجهة و لا لمجموعة و لا لتنظيم و او تشكيل.. مواطن موريتاني كامل الوطنية ينتمي للجمهورية الاسلامية الموريتانية قلبا و قالبا، تحيا فيه قيمها و ثوابتها أينما كان و مهما ما كان.. و حتى يبفى موسم الخريف موسم افراح و سرور يطالب أصحاب المركبات العمومية و الشخصية من مستخدمي شبكة الطرق الوطنية بالإبتعاد عن سيئة الإفراط في السرعة.. و الإمتناع عن كسر قوانين المرور حفاظا على سلامة الجميع من خطر حوادث السير ا