أطفال الشوارع : يوميات أطفال رمت بهم ظروف الحياة

السبت, 07/10/2017 - 10:59

منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي استفحلت ظاهرة أطفال الشوارع متخذين أسماء مختلفة ومتحدين في هدف واحد هو الانتشار في الشارع واتخاذه مدرسة منها ينهلون ومن مناهجها المختلفة يطورون أساليب حياتهم. لقد أصبحت ظاهرة أطفال الشوارع من أكثر الظواهر حساسية وخطورة في موريتانيا بما تمثله من تحدي للمجتمع الموريتاني المحافظ بطبعه والذي  تختلف نظرته لأطفال الشوارع بين من يراهم مجرد أطفال عصفت بهم رياح الحياة فلجئوا للشارع باحثين عن لقمة عيش تسد الرمق أو قطرة ماء تروي الظمأ. غيرأن  وجهة نظر أخرى ترى أن أيادي خفية رمت بهؤلاء الأطفال للشارع مستقلة براءتهم في جني أرباح ليس للطفل منها إلا ما يقيم وأده كي يواصل رحلة الغد نحو المجهول . لاتوجد إحصائيات دقيقة لأطفال الشوارع في موريتانيا بشكل رسمي يحدد العدد النهائي لهم إلا أن مركز الحماية والدمج الاجتماعي في نواكشوط ـ الذي يعنى بالأطفال ـ توجد لديه إحصائية تقول إن عدد أطفال الشوارع في موريتانيا منذ نشأة المركز يبلغ 587 طفلا موزعين إلى فئات متعددة يستهدفها اهتمام المركز ومنها أطفال الشوارع ،والطفل ضحية التسول والاستغلال الاقتصادي، والطفل من دون سند عائلي ، الطفل المعرض للإهمال والتشرد والطفل والطفل ضحية العنف داخل العائلة . كل هذه المسميات هي لأطفال فقدوا حنان  الأم والأب داخل مجتمع ظل إلى عهد قريب متمسكا بأخلاقه وقيمه الدينية التي ترفض وجود هذا النوع من الأطفال ويبلغ مجموع الأطفال الذين استقبلهم المركز587 طفلا منهم 266 من الاطفال فاقدي السند العائلي من بينهم 71 تم استقبالهم خلال2008 و2009 و306 من أطفال الشوارع من بينهم 70 طفلا متسولا و15 من الأطفال ضحايا العنف والتقصير العائلي والجنوح موجهين من طرف شرطة الأحداث. وتأكد السيدة السيدة بنت محمدو مديرة مركز الحماية والدمج الاجتماعي إن ظاهرة تكفل الأسر بفاقدي السند العائلي تعد من أنجع الطرق لحماية هذه الفئة من أطفال موريتانيا مشيرة إلى اهتمام الدولة ومسؤوليتها عن حمايتها. وأضافت أن  المركز قام بناء على هذه المهمة بإعادة التعرف على هذه الفئة لدى الأسر المتكفلة من خلال خلية الأطفال فاقدي السند العائلي ومواصلة دمج المواليد الجدد لدى الأسر التي تقدم طلبا مكتوبا للمركز تعلن من خلاله استعدادها للتكفل بهؤلاء الأطفال حيث يربط بين المركز والأسر المتكفلة عقد يحدد شروط التكفل والتزامات الطرفين اتجاه الطفل. وأشارت بنت محمدو إلى أن المركز يقوم بمتابعة الأطفال فاقدي السند العائلي إما عن طريق الشرطة أو المستشفيات وبعد ذلك يقوم بإجراء الفحوصات الضرورية للطفل وإحالته إلى إحدى الأسر المتكفلة بموجب العقد الآنف الذكر كما تتم بعد ذلك متابعته ميدانيا وتوفير الرعاية له. وانطلاقا من أن الأسر المتكفلة بهؤلاء الأطفال أسر فقيرة في أغلبها أوضحت المديرة إن المركز أعد برنامجا لدعم هذه الأسر حتى تتمكن من رعاية هؤلاء الأطفال وذلك بتقديم بعض المواد الغذائية والصحية والألبسة ،إضافة إلى تقديم بعض المساعدات الأخرى التي يقدمها المركز لمن التجأ إليه من ربات هذه الأسر طالبا العون. وبينت ان المركز طالب أكثر من مرة في عدة مناسبات بمساهمة الجميع بشكل مباشر أوغير مباشر في التكفل بهؤلاء الأطفال،ولو بطريقة غير مباشرة حيث باستطاعة الأسرة الراغبة في المساعدة أن تأخذ عنوان إحدى الأسر المتكفلة وتكون على اتصال بها لمساعدتها في هذه المهمة الاجتماعية النبيلة. وأضافت السيدة بنت محمدو مديرة المركز إن المركز يواجه جملة من المعوقات من ابرزها ضعف وتواضع المخصصات والإمكانات المادية واللوجستية،في حين أن مهامه تتعلق بظواهر اجتماعية كبيرة ومعقدة،إضافة إلى نقص الطاقم المكون والمختص في مجال حماية الطفولة في أوضاع صعبة. كما يعاني المركز من ضعف التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين في مجال حماية الطفولة وخاصة الطفولة في أوضاع صعبة،وغياب قانون يحدد التكفل بالأطفال إن ظاهرة انتشار أطفال الشوارع تستدعي تكاثف الجهود فلايمكن للدولة وحدها وقد خصصت مراكز لإيواء هؤلاء الأطفال أن تقضي على هذه الظاهرة المشينة إلا بحفاظ المجتمع على تماسكه ونبذه لكل ما من شأنه أن يرمي بفلذات الأكباد إلى الشارع بدل توعيتهم وتربيهم حتى يكون رجال الغد. تعدد أسباب انتشار أطفال الشوارع وتختلف المبررات إلا مالا يختلف عليه اثنان هو ضرورة محافظة المجتمع الموريتاني المسالم على تماسك الأسرة التي منها ينطلق الأطفال هائمين ومع أن الدولة اتخذت إجراءات للحد من هذه الظاهرة إلا أن الدعوة أصبحت ملحة لإشتراك الجميع في سحب هؤلاء الأطفال من الشارع ووضعهم في المكان المناسب بين طلاب المحاظر وعلى كراسي التعليم

البث المباشر إذاعة القرآن الكريم