شارك معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج السيد محمد سالم ولد مرزوك، اليوم، الثلاثاء، في مدينة فاس بالمملكة المغربية، في اجتماعات المنتدى العالمي التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات.

وألقى معاليه بالمناسبة، باسم بلادنا، خطابا هاما هذا نصه:

“بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الكريم

معالي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس

معالي السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج

السيد ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات

السيدات والسادة

اسمحوا لي بداية أن أشكر أخي وزميلي السيد ناصر بوريطة، ومن خلاله الحكومة المغربية على ما لقيناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وأن أهنئه على التنظيم المحكم لهذه النسخة التاسعة من منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات الذي تستضيفه مدينة فاس العريقة، والتي ما يزال يفوح منها عَبَقُ التاريخ وما يزال صدى إشعاعها المعرفي والروحي يتردد في جميع أرجاء العالم.

كما يطيب لي كذلك أن أهنئ سعادة السيد ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، على ما بذله من جهود كبيرة بهدف بعث هذه المبادرة العالمية الرائدة.

السيدات والسادة،

إن انعقاد هذا المنتدى تحت شعار “نحو تحالف من أجل السلام: العيش معا كإنسانية واحدة” يعكس، في حد ذاته، تطلعا مشتركا يحدونا جميعا الأملُ لتجسيده في واقعنا المَعيش. وذلك انطلاقا من قناعتنا الراسخة بأن مستقبل البشرية مرهون بتحقيق شروط التعايش بين الأمم والشعوب القائم على السلام المستدام والاحترام المتبادل.

وهي القناعة التي أضحت أكثر رسوخا، بفعل ما يَطْبَُع واقع العالم اليوم من تَنَامٍ لخطاب الكراهية والعنف وكره الأجانب ورُهاب الإسلام ورفض الآخر، وما نشهده من مظاهر التشنج السياسي والطائفي وتغليب التعصب والتصادم على قيم الحوار والتفاهم.

وفي هذا يكمن المُسَوّغُ الأساسي لمبادرة تحالف الحضارات التي تترجم رغبتنا المشتركة في تعزيز التبادل الثقافي والمساهمة في تفكيك الأسس الأيديولوجية للتعصب بجميع أشكاله وبناء جسور التفاهم وتقوية أواصر الصداقة بين الشعوب عبر الحوار والتعايش السلمي.

ولقد كنا في موريتانيا من أوائل المرحبين بهذه المبادرة منذ إطلاقها، نظرا لتناغمها مع الرؤية المتبصرة الني أدركنا وجاهتها من أول يوم.

السيدات والسادة؛

لقد اعتمدت الجمهورية الإسلامية الموريتانية مبكرا استراتيجية فعالة وناجعة في مكافحة الإرهاب ومختلف أشكال الغلو والتطرف، تنطلق من مقاربة شمولية تراعي الأبعاد الأمنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية. وقد أفضى تنفيذ هذه الاستراتيجية إلى كسب معركتنا ضد التطرف والغلو وإلى تعزيز ثقافة الاعتدال والتسامح التي هي جوهر رسالة الإسلام الخالدة.

وفي سبيل تعزيز هذا النهج وتحصينه، انخرطت بلادنا، تحت قيادة فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في مسار من التعاون والتنسيق القائم على ترابط وثيق لا تنفَصِمُ عُرَاه بين الأمن والتنمية، في سبيل أن تكون منطقتنا قطبًا للأمن والاستقرار.

كما انتهجت سياسة متنورة ومتوازنة لاستثمار التنوع الثقافي الذي اكتسبناه من انتمائنا المزدوج للمغرب العربي ولإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، باعتباره مصدرا للثراء والتكامل. وعملت، في هذا السياق، على تكريس الهوية الوطنية الجامعة التي يحصنها الدين الإسلامي دين الانفتاح الذي يسمح لنا، بل يُلزِمنا، بقبول الآخر، مهما كان معتقده الديني أو اختلافه العرقي أو الثقافي معنا؛ إن الإسلام هو الذي علمنا أن احترام كرامة الإنسان واجب مقدس على كل المؤمنين.

وهذا هو سر تمسكنا بفضائل الحوار بين الثقافات الذي يدعو إليه تحالف الحضارات، وهو سبب دعمنا الجاد لمساعي مختلف شركائنا، على الصعيدين الإقليمي والدولي، في كل مجهود من شأنه أن يساهم في تحقيق أهداف هذه المبادرة الكونية الجديرة بالتقدير.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

لا شك أن في تركيز هذه النسخة التاسعة لمنتدى تحالف الحضارات على الشباب وعلى القارة الإفريقية التي لم تنل بعْدُ الاهتمام الذي تستحقه في مجالات الحكامة والتعليم والتكوين والتشغيل والتمكين للشباب والنساء، دليلا قويا على حُسْن تقدير المشرفين على هذا المنتدى لأولويات المرحلة، وعلى إدراكهم العميق لمكامن الخلل والاختلال في عالم اليوم.

واسمحوا لي، في الأخير، أن أجدد لكم ثقتنا ودعمنا لمبادرة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، متمنين للدورة التاسعة لهذا المنتدى كامل التوفيق والنجاح,

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”

وشارك إلى جانب معالي الوزير في هذا اللقاء الدولي الهام وفد هام من قطاعه ضم كلا من سعادة السيد محمد حناني، سفير بلادنا المعتمد لدى المملكة المغربية، والسيد حسني الفقيه، السفير مكلف بمهمة بديوان معالي الوزير، والسيد محمد بن تتا، السفير المستشار المكلف بالاتصال الناطق الرسمي باسم الوزارة، والسيد با آمادو، رئيس مصلحة بالوزارة.