أشرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، صباح اليوم الجمعة في مدينة شنقيط التاريخية، على إطلاق النسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث.
وقال معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد الحسين ولد مدو، في كلمته بالمناسبة، إن فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، عبر في أكثر من ملمح عن تثمينه لموروثنا الثقافي الغني، فوجه بالاعتراف باكرا بأدوار ومساهمات كل الفاعلين في هذا التاريخ الثقافي من فقهاء وأدباء وحرفيين وبنائين وعمال، مشيرا إلى أن ذلك كان اللبنة الأولى في صرح العدل والإنصاف والمساواة الذي أسس له رئيس الجمهورية، وأرسى دعائمه.
وأضاف أن فخامة رئيس الجمهورية وضع مقاربة ثقافية تنموية للحفاظ على هذا الإرث الغني وتنميته، تتجاوز رؤيتها الاحتفاء بالماضي إلى الاهتمام بالحاضر واستشراف المستقبل، كي تظل الحياة سارية في حواضر وحواضن ذلك الموروث، فأعطى فخامته تعليماته السامية بإضافة مكونة تنموية متعددة القطاعات لمهرجان مدائن التراث من أجل تثبيت الساكنة في هذه المدن وتوفير وسائل العيش الكريم.
وبين أن هذه المكونة التنموية تستفيد منها اليوم مدينة شنقيط، على غرار وادان وتيشيت وولاته وجول، بغلاف مالي وصل إلى أربعة مليارات أوقية قديمة وجهت لمجالات متعددة شملت دعم الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وتعزيز البنية الصحية والتعليمية والتشغيل والتكوين، وتثبيت الرمال، وافتتاح الإذاعات والمتاحف ومراكز التكوين المهني، والصناعة التقليدية، ودعم المحاظر والمساجد والتعاونيات النسوية، والمشاريع الصغرى، والاتصالات وغيرها من المصالح المرتبطة بتوفير الحياة الكريمة وبخلق فضاء للتنمية.
وأشار إلى أن هذه النسخة من مهرجان مدائن التراث امتازت بترفيع بارز للمحتوى العلمي، من خلال سلسلة من الندوات والمحاضرات تقدمها نخبة من الدكاترة والمحاضربن والباحثين في مجالات علمية وثقافية وتراثية تتعلق بمدينة شنقيط بدءا من مكانتها كمركز للعلم والتبادل الحضاري، وليس انتهاء بالأفق التنموي بها.
من جانبه، عبر السيد محمد ولد أشريف ولد عبد الله، رئيس جهة آدرار، عن اعتزازه وفخره بتنظيم هذه النسخة التي استحدث فيها فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مكونة تنموية لتعزيز المجالات التنموية والمرافق الخدمية في مختلف مدننا التاريخية.
وقال إن ولاية آدرار استفادت خلال السنوات الخمس الماضية من استثمارات بقيمة 43 مليار أوقية مكنت من إنجاز مشاريع مهمة طالت مجالات متعددة، من ضمنها بناء المدارس والكفالات والوحدات السكنية، وتطوير القطاع الزراعي وحماية الواحات، وتشييد الطرق، والشبكات المائية، إضافة إلى استفادة جزء معتبر من سكان الولاية من التأمين الصحي والتوزيعات النقدية.
وثمن الإنجازات التي تحققت في مقاطعات الولاية، مشيرا إلى أنه يتطلع في المأمورية الحالية إلى مضاعفة الاستثمارات المخصصة للولاية وتوجيهها للقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية والسياحة والزراعة، وتعزيز دور الشباب من خلال خلق فرص التشغيل.
وكان عمدة بلدية شنقيط، السيد سيد أحمد ولد حبت، قد عبر في كلمة قبل ذلك، عن شكره الجزيل وعظيم امتنانه لفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني على ماقدمه من إنجازات للوطن بصفة عامة، ولمدينة شنقيط بصفة خاصة.
وأشار إلى أهمية هذا المهرجان الذي تحتضنه شنقيط في ظل بدء أشغال الطريق الذي سيربطها بالشبكة الطرقية الوطنية، مما يوفر إمكانات وفرص هامة لسكان المدينة.
وقال إن المدينة استفادت في إطار النسخة الحالية من المهرجان بأكثر من أربعة مليارات أوقية قديمة وجهت لمجالات تنموية ستكون لها نتائج هامة لصالح المدينة، مطالبا بتوجيه الجهات المشرفة على هذه المشاريع بضرورة السهر على جودة تنفيذها.
واستعرض نماذج من الانجازات التي تحققت للمدينة، والتي من ضمنها توسعة شبكة المياه وتمويل مشاريع مدرة للدخل، والقيام بإجراءات لتثبيت الرمال، وحفر آبار ارتوازية، وتوفير كميات من السياج لصالح المزارع والواحات في المدينة.
وتقدم العمدة بمجموعة من المطالب منها ترميم المدينة القديمة، وإعطاء عناية لأبناء مدينة شنقيط في مجالات التشغيل، ووضع مخطط عمراني لها، وزيادة المخصصات المالية لبلديات المدن القديمة.
من جهتها، عبرت المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أوزلاي عن سعادتها بحضور افتتاح النسخة ال13 لمهرجان مدائن التراث، بعد أيام قلائل من اعتماد ملحمة صمبا غلاديو تراثا إنسانيا، وهو إضافة نوعية فريدة في التنوع.
وأضافت أن مدينة شنقيط، إلى جانب مدن تيشيت ووادان وولاتة، وهي مدن ضمن تراث اليونسكو منذ حوالي ثلاثين عاما، تعتبر مفخرة لموريتانيا، مؤكدة أنها حظيت بدعم من اليونسكو بغية صمودها أمام المخاطر الحاضرة والمستقبلية وخاصة تلك المرتبطة بالتقلبات المناخية.
وتحدثت المديرة العامة لليونسكو عن المعالم الموريتانية الأخرى المسجلة ضمن تراث اليونسكو كالحظيرة الوطنية لحوض ارغين والتي تعد فضاء ثريا نادرا للتنوع البيولوجي.
ويتميز هذا المهرجان، المنظم تحت شعار: “مهرجان مدائن التراث.. قافلة لتنمية مدننا القديمة”، بتنوع فعالياته التي تلبي اهتمامات ساكنة المنطقة، حيث يتضمن مكونات أساسية: تنموية وعلمية وفنية، ومجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية.
وستكون نتائج النسخة الحالية من هذا المهرجان أكثر تأثيرا من سابقاتها على مسار التنمية المحلية للمدينة، سواء من حيث تحسين مستوى الخدمات الأساسية أو من حيث تنفيذ المشاريع التنموية، مما يساهم في تعزيز الدورة الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، وتنشيط المبادلات التجارية داخل المدينة ومع محيطها الخارجي، والتي سيساهم طريق شنقيط – أطار، قيد الإنجاز، في تعزيز هذه المبادلات.
وستمكن المكونة التنموية التي سيتم تنفيذها في إطار المهرجان من تحسين أداء الخدمات الأساسية في مدينة شنقيط عبر بناء وترميم منشآت تعليمية، وتعزيز أداء المرافق الصحية، وزيادة قدرة شبكتي المياه والكهرباء، وبناء منشآت رياضية وثقافية، وتمويل مشاريع مدرة للدخل، والقيام بتدخلات لتعزيز أداء القطاع الزراعي ومكافحة التصحر، ولدعم المنشآت السياحية، وترميم مقار المرافق العمومية في المدينة، إضافة لتدخلات أخرى تطال مجالات متعددة.
ويشكل مهرجان مدائن التراث فرصة ثمينة لانتشال مدن موريتانيا التاريخية التي تشكل تراثا عالميا من طيات النسيان والإهمال الذي عانت منه لعقود طويلة، عبر ما يتيحه من فرص تنموية وما ينظم خلاله من أنشطة مصاحبة، تثبيتا للسكان في هذه المدائن وتفعيلا للموارد الاقتصادية فيها.
واعتمد المهرجان في نسخه الأخيرة مقاربة تنموية ركزت على إحداث الأثر التنموي الملموس في هذه المدن عبر اعتماد حزمة من المشاريع التنموية تركز على تعزيز أداء الخدمات الأساسية والاستثمار في البنى التحتية وخلق مشاريع مدرة للدخل تروم خلق فرص عمل وتنشيط التنمية المحلية، إضافة إلى القيام بتدخلات اجتماعية تشمل التوزيعات الغذائية والنقدية تستهدف بشكل خاص الطبقات الهشة في هذه المدن.
جرت فعاليات الافتتاح بحضور زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، والوزيرين المستشارين برئاسة الجمهورية، وأعضاء من الحكومة، ووالي آدرار وحاكم مقاطعة شنقيط، ورؤساء وممثلي التشكيلات السياسية وبعض الهيئات الدولية المعنية بالثقافة والتراث والعلوم، وأعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي الهيئات المعتمدين في موريتانيا.