أكد معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، أن بناء الدول والأوطان، على قدر الطموحات المتجددة لشعوبها، لا يكون إلا بناء تراكميا لا ينتهي، يشارك فيه الجميع، كل من موقعه، بوضع ما أتاحته إكراهات ظرفه من لبنات، كما أشار لذلك فخامة رئيس الجمهورية في خطاب ترشحه لمأموريته الأولى.
وأوضح معاليه، خلال تقديمه برنامج السياسة العامة للحكومة مساء اليوم الأربعاء في جلسة علنية للجمعية الوطنية برئاسة السيد احمدو بمب مكت، رئيس الجمعية الوطنية، وبحضور أعضاء الحكومة، أن رئيس الجمهورية استطاع أن يعيد إلى الحياة السياسية هدوءها، بتكريسه نهج الانفتاح على الجميع، والنقاش والحوار، فنجح في نقل العلاقة بين مكونات المشهد السياسي الوطني، من القطيعة والتنافر والتخوين، إلى التهدئة والحوار والتفاهم.
وقال إن تحسين الحكامة بمكافحة الفساد والعمل على إصلاح الإدارة، والمبالغة في تعزيز حضور الشباب والمرأة في مختلف مواقع تدبير الشأن العام، وإطلاق مشاريع متنوعة لصالحهم من بين الأمور الأساسية التي أصر فخامة رئيس الجمهورية على تحقيقها.
وتطرق معاليه لمختلف محاور هذه السياسة التي تهدف إلى بناء دولة قانون ومؤسسات قوية وذات حكامة عصرية رشيدة؛ اقتصاد قوي الأداء صامد ومستدام بيئيًا؛ رأس مال بشري ذو تكوين وتأهيل جيدين خاصة فئة الشباب فيه؛ وحدة وطنية قوية واندماج اجتماعي متكامل؛ وأمن واستقرار راسخين ودور دولي وإقليمي فعال.
في ما يلي النص الكامل للسياسة العامة للحكومة:
“بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب،
إن مثول الوزير الأول أمام الجمعية الوطنية، لعرض بيان السياسة العامة للحكومة، طبقا للمادة 42 من الدستور، يعد من أقوى اللحظات التي يؤكد خلالها الشعب الموريتاني، بنحو ملموس، عبر ممثليه، النواب المحترمين، أعضاء هيئتكم الموقرة، أنه بحق، مصدر كل سلطة، وصاحب السيادة الوطنية على الإطلاق.
وهي ذات السيادة التي بموجبها، في استحقاقين منفصلين، طبعتهما الشفافية والنزاهة، انتقاكم ممثلين له في قبة الجمعية الوطنية، ومنح فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مأمورية رئاسية جديدة.
وها هو الأمر، اليوم، يعود من جديد إلى نفس الشعب، صاحب السيادة، ليصادق، عبر ممثليه، على بيان السياسة العامة للحكومة التي عينها صاحب الفخامة بداية مأموريته الجديدة، فالشعب إذًا، مبدأ كل الأمر وغايته.
وإن هذه اللحظة لمدعاة لفخرنا واعتزازنا جميعا، فهي تختزل ثمار الجهود الكبيرة، والتضحيات الجسيمة، التي راكمها الشعب الموريتاني بكل مكوناته، بنخبه ومثقفيه وسائر ألوان طيفه السياسي، جيلا بعد جيل، في سعيه إلى بناء نظام ديمقراطي، يكرس سيادة الشعب ودولة القانون والمؤسسات، ويضمن تداولا سلميا للسلطة، على نحو سلس وشفاف، باعتبار ذلك السبيل الأمثل إلى بناء الوطن الذي يطمح إليه: وطن يسع كل أبنائه وبناته ويعتزون جميعا بالانتماء إليه ويتشرفون بالدفاع عنه، يوحدهم فيه رباط مواطنة جمهورية متين، قوامه المساواة في الكرامة والحقوق والواجبات، وطن يحفظ حرياتهم وقيم وتعاليم دينهم الحنيف، ويصون في الوحدة والانسجام، هوياتهم الحضارية بتنوعها وثرائها وفق تعبير صاحب الفخامة.
ومعلوم أن بناء الدول والأوطان، على قدر الطموحات المتجددة لشعوبها، لا يكون إلا بناء تراكميا لا ينتهي، يشارك فيه الجميع كل من موقعه، بوضع ما أتاحته إكراهات ظرفه من لبنات، كما أشار لذلك فخامة رئيس الجمهورية في خطاب ترشحه لمأموريته الأولى.
وإن من أقوى اللبنات تعزيزا لصرح الدولة الموريتانية، وتهيئة لشروط ارتفاعه، في قوة واطراد، لتلك التي وضعها صاحب الفخامة، رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال مأموريته المنصرمة.
فقد استطاع أن يعيد إلى الحياة السياسية هدوءها، بتكريسه نهج الانفتاح على الجميع، والنقاش والحوار، فنجح في نقل العلاقة بين مكونات المشهد السياسي الوطني، من القطيعة والتنافر والتخوين، إلى التهدئة والحوار والتفاهم، مثبتا بذلك، عمليا، أن بالإمكان، كما قال في خطاب الترشح 2024 “أن نتحاور فنخدم البلد جميعا، بدل أن نتصارع فنضر به كلنا”.
كما جعل من المواطن ومن تحسين ظروفه مصب كل سياساته العمومية، فحارب الفقر والاقصاء، والهشاشة، وبنى شبكة أمان اجتماعي واسعة، دعما لمواطنيه الأقل دخلا وتعزيزا لقدرتهم على مواجهة إكراهات الحياة اليومية، وحسّن مستوى نفاذهم إلى الخدمات الأساسية وإلى الضمان الصحي والسكن اللائق.
كما عمل على تعزيز الوحدة الوطنية ودعم عوامل الانسجام الاجتماعي بمحاربته عوامل الفرقة والتنافر، من تعصب قبلي مقيت، وصور نمطية زائفة.
وأصر كذلك، على تحسين الحكامة بمكافحة الفساد والعمل على إصلاح الإدارة، وأوْلى بالغ العناية لتعزيز حضور الشباب والمرأة في مختلف مواقع تدبير الشأن العام، وأطلق لصالحهم مشاريع متنوعة لتحسين قابلية التشغيل وتعزيز التكوين المهني وريادة الأعمال، وخلق فرص العمل.
كما استطاع أن يحسن بنحو ملحوظ مؤشرات النفاذ إلى الخدمات الأساسية، ودعم بفعالية البنى التحتية الداعمة للنمو، وأرسى دعائم المدرسة الجمهورية في سياق إصلاح شامل للمنظومة التربوية، وأطلق مسار إصلاح العدالة والصحافة، وحافظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى وعلى نسب نمو اقتصادي جيدة في الوقت الذي كان الركود الاقتصادي يهدد العالم بأسره، بفعل مضاعفات جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية الكارثية للحرب الروسية الأوكرانية.
وقد هيأ فخامته لكل هذه الإنجازات بدوام سهره على صون الأمن والاستقرار، على الرغم مما يجتاح المحيطين، الإقليمي والدولي، من عنف وإرهاب وحروب مدمرة، وكذلك باعتماد سياسة خارجية نشطة، ذات حضور دولي وإقليمي بارز، ترعى مصالح الدولة ومواطنيها في الخارج، وتنتهج حسن الجوار وعلاقات الصداقة والتعاون، والدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين المحتلة.
غير أن هذه الإنجازات الكبيرة البادية للعيان والمحسوسة، لم تحجب عن فخامة رئيس الجمهورية جسامة التحديات التي لاتزال قائمة، نظرا لعلو سقف طموحه للوطن وإدراكه لحجم تطلعات شعبنا المشروعة، ولحداثة مجتمعيا، بالدولة العصرية، ووعيه العميق بما يفرضه المحيط الإقليمي والدولي من تحديات أمنية وجيوسياسية واقتصادية وبيئية متداخلة، وكذلك بما راكمناه، على مر العقود، من اختلالات بنيوية عميقة.
نحن بلد يقال عنه غالبا “غني بموارده”، لكن قل ما يشار، في ذات الوقت، إلى أن ثراء الدول والشعوب يقاس بمدى قدرتها على الاستغلال الناجع لمواردها وطاقاتها الإبداعية، أكثر مما يقاس بوفرة هذه الموارد ذاتها.
ولا سبيل إلى تحسين قدرتنا على استغلال مواردنا وطاقاتنا الإبداعية إلا مع رفع التحديات التي تواجه بلدنا والتي أجملها صاحب الفخامة رئيس الجمهورية ضمن برنامجه، طموحي للوطن، في تحديات خمسة أساسية:
التحدي الأول مرتبط بمدى رسوخ دولة المؤسسات والحكامة
إن حداثة عهدنا نسبيا بالدولة العصرية والظروف التي اكتنفت قيامها لدينا لا تزال تبطئ وتيرة تحول عقلياتنا ومسلكياتنا في اتجاه تمثل مقتضيات دولة القانون والمؤسسات بنظمها وإجراءاتها، خاصة تلك منها المرتبطة بما استقر في الوجدان الجمعي من كون الدولة كيانا أجنبيا معاد ولا حرمة له وما ينشأ عن ذلك من استسهال التعدي على المال العام والتهاون في المحافظة على المؤسسات والبنى التحتية العمومية وكل ما له طابع عام.
هذا علاوة على ضعف حكامتنا المحلية التي هي أقوى الأدوات لبناء تنمية متوازنة في بلد كبلدنا مترامي الأطراف.
التحدي الثاني هو الضعف البنيوي لاقتصادنا
ويتمثل المشكل الأساسي على هذا المستوى في أن مسارات نمو اقتصادنا منذ الاستقلال لم تصل به يوما إلى الحد الذي يتيح إقلاعا اقتصاديا حقيقيا، وذلك لقلة تنويع مصادر النمو ولضعف البنية التحتية الداعمة وللنقص الكبير في ترقية القطاعات التي لنا فيها ميزات تفضيلية ولضيق سوقنا الوطنية وللضعف البنيوي في قطاعنا الخاص على وجه الإجمال.
التحدي الثالث يتعلق بمدى جاهزية مواردنا البشرية
إن من أقوى التحديات على هذا المستوى فُشُوَّ العقليات والمسلكيات التي تنافي ثقافة تمجيد العمل وقيمته وتقدير المهن على اختلافها وتثمين واعتبار العمل أيا كان مصدر شرف لمزاوله.
إنها عقليات تتسبب غالبا في تراخي الهمم والعزائم وفي تعطيل الطاقات والقدرات الإبداعية.
ينضاف إلى ذلك النقص في مستوى الولوج إلى التعليم وتدني المستويات الدراسية وضعف مستويات التكوين والتأهيل المهني وعدم مواءمتها في الغالب مع حاجات الاقتصاد وسوق العمل.
التحدي الرابع يتعلق بتحصين وحدتنا وانسجامنا الاجتماعي
نحن شعب واحد، ينصهر كله في وحدة إيمانية وعقدية جامعة، ويوحده التاريخ المشترك، وتجمعه القناعة الراسخة بوحدة المصير والمستقبل الواعد.
لكن وبكل صراحة فإن رواسب عقليات بائدة، وصور نمطية زائفة، وتراتبية وهمية، تعمل باستمرار على إضعاف هذا الانسجام الاجتماعي.
وتتغذى هذه الرواسب من نكء بعضنا لبعض الجراحات التاريخية، ومن النفس الشرائحي والقبلي والجهوي المقيت، وكذا من التفاوت الاقتصادي البين، وما يصاحبه من فقر وهشاشة، واختلال في توزيع الثروة والفرص، تتضرر منه غالبا الفئات التي عانت تاريخيا من الغبن والتهميش.
وإن من آكد الأولويات رفع هذا التحدي باستئصال مختلف عوامل الفرقة والتنافر تحصينا لوحدتنا وانسجامنا وتصحيحا لميزان العدالة والمساواة.
التحدي الخامس هو التحدي الأمني والجيوسياسي
إن ما نشأ عن العولمة من قوة ترابط مختلف البلدان وعمق تأثير وتأثر بعضها ببعض يفرض أحيانا على آحاد الدول وبقوة، تحديات هي في الأصل دولية أو إقليمية.
فما ساد، ويسود، على المستوى الدولي، من عنف وإرهاب وحروب مدمرة، قد سرت للأسف مفاعيله الهدامة إلى قارتنا وخاصة إلى منطقة الساحل، فانتشرت الجماعات الإرهابية وفشا العنف والتطرف وقوضت دعائم الأمن والاستقرار.
ونحن، وإن كنا قد استطعنا، بفضل الله وقوته، وبفضل نجاعة استراتيجيتنا الأمنية المندمجة ويقظة قواتنا المسلحة وقوات أمننا الباسلة، أن نحافظ على أمننا واستقرارنا، في محيط شديد الاضطراب، فإن الخطر لا يزال ماثلا والتحدي قائما والتضحيات يجب أن تكون كبيرة واليقظة مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
إدراكا من صاحب الفخامة رئيس الجمهورية لجسامة هذه التحديات المتداخلة، فقد جعل من العمل على رفعها المقصد الأول لبرنامجه “طموحي للوطن”، وسبيلا إلى تحقيق جوهر تطلعات الشعب الموريتاني المتمثلة في بناء:
– دولة قانون ومؤسسات قوية وذات حكامة عصرية رشيدة؛
– اقتصاد قوي الأداء صامد ومستدام بيئيًا؛
– رأس مال بشري ذو تكوين وتأهيل جيدين خاصة فئة الشباب فيه؛
– وحدة وطنية قوية واندماج اجتماعي متكامل؛
– أمن واستقرار راسخين ودور دولي وإقليمي فعال؛
وحرصا منه على تحقيق هذه التطلعات، ألزمنا صاحب الفخامة في رسالة تكليفه لنا بالعمل على الترجمة الميدانية لهذا البرنامج الذي انتخب على أساسه وصار بحكم التزكية الشعبية وعدا وعقدا لازم التنفيذ.
وإنفاذا لتعليماته بنت الحكومة سياستها العامة التي نتشرف اليوم بإعلان بيانها أمام هيأتكم الموقرة، على محاور خمسة.
المحور الأول يتعلق ببناء دولة قانون ومؤسسات قوية ذات حكامة عصرية رشيدة:
إن أول ما سينصب عليه الجهد الحكومي في المرحلة المقبلة إن شاء الله، هو العمل على كل ما من شأنه الإسهام والإسراع في بناء دولة قانون ومؤسسات قوية ذات حكامة عصرية وفعالة، دولة تسودها مبادئ حكم القانون وتمجيد قيم الوطنية والنزاهة والاستقامة، دولة ديمقراطية، عادلة وشفافة تدير شؤون البلاد وتستثمر ثرواتها بما يلبي مستلزمات التنمية والجودة والحداثة.
ومن أجل توطيد أسس دولة القانون والمؤسسات القوية هذه، ستعمل الحكومة على فتح ثلاث ورشات متكاملة.
أولى هذه الورشات هي ورشة الإصلاحات اللازمة لتطوير وترسيخ نظامنا الديمقراطي. ومدار العمل فيها على إطلاق حوار مسؤول وصريح وشامل لا يقصي أحدًا ولا يستثني موضوعا جوهريا يهدف إلى إعادة التفكير والتفكير بتأن في منظومة حوكمتنا ونموذجنا الديمقراطي. ويعول على مخرجات هذا الحوار في تعزيز دور مؤسساتنا وتسيير العلاقات فيما بينها بشكل هادئ وسلس خدمة للمصلحة العليا لبلدنا الحبيب.
وينتظر من هذا الحوار على وجه الخصوص مراجعة مدونة الانتخابات وتحسينها بما يخدم المزيد من المشاركة والشفافية والمصداقية. وتشكل مراجعة قانون الأحزاب السياسية إحدى أهم الإصلاحات المعول عليها في تعزيز نظامنا الديمقراطي ودعم البنى التنظيمية والمؤسسية للأحزاب تمكينا لها من أداء دورها المحوري في الحياة الديمقراطية.
أما الورشة الثانية في إطار توطيد أسس دولة القانون والمؤسسات فتعنى بتسريع تنفيذ الوثيقة الوطنية لإصلاح وتطوير العدالة التي تقترح إصلاحا عميقا لنظامنا القضائي مؤسسا على تشاور تشاركي واسع النطاق ويلبي تطلعات الموريتانيين في العدل والمساواة. وتهدف هذه الورشة إلى تعزيز استقلال القضاء وتحسين وضعية مهنيي العدالة وتسهيل النفاذ إليها وتقريبها من المواطنين وتحسين جودة وفعالية القضاء وضمان حقوق المتقاضين وإصلاح المنظومة الجنائية ومراجعة قوانينها الناظمة وإصلاح نظام السجون وتسريع رقمنة العدالة وعصرنة البنى التحتية القضائية.
أما الورشة الثالثة في نفس الإطار فورشة ترقية حقوق الإنسان. إنها ورشةٌ ذات أهمية قصوى في تحقيق الانسجام والنماء المجتمعي.
وستعمل الحكومة في هذا السياق على تسريع وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان (2024-2028) مركزة على ضمان مساواة الجميع في الكرامة والحقوق والواجبات بقوة القانون وعلى أساس المواطنة حصرا. كما ستعمل على ضمان المساواة في النفاذ إلى الخدمات والفرص والحقوق عموما، فالحقوق مجرد أحلام ما لم تُقْرَنْ بالآليات الكفيلة بالتمكين من استيفائها على الوجه المطلوب.
كما ستواصل الحكومة الجهود التي قيم بها في مجال مكافحة كل أشكال العبودية والاتجار بالبشر وكذلك العمل على صون وتكريس الحريات العامة و محاربة كل أشكال التمييز أيا كان الأساس الذي عليه انبنى: العرق، الشريحة، القبيلة، الجهة، الجنس، الوضع الاقتصادي…، مع إيلاء بالغ العناية لذوي الهشاشة والاحتياجات الخاصة ولمواكبة وتمكين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والمرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة والآلية الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر ومختلف منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الميدان من تأدية عملها على أكمل وجه.
وعلاوة على هذه الورشات ودائما في إطار أول محاور هذه السياسة العامة فإن الحكومة ستولي كل الاهتمام للحكامة الرشيدة من خلال المحاربة الجادة والفعالة لمختلف أشكال الفساد ولإصلاح الإدارة العمومية وتعزيز الحكامة المحلية وترقية دور الإعلام وقادة الرأي وهيئات المجتمع المدني.
أما بخصوص محاربة الفساد فإن التركيز سيكون على تعزيز الشفافية وتفعيل المساءلة ومنع الإفلات من العقاب. فقناعتنا الراسخة أن نجاح سياسة الحكومة في أي مجال كان مشروط بمستوى التصميم والصرامة الذي ستواجه به داء الفساد بمختلف روافده، فلا تنمية ولا عدل ولا إنصاف مع الفساد، ومن ثم فلا تسامح معه مطلقا.
وفي هذا الإطار ستتركز جهود الحكومة على:
– تطوير واستكمال الإطار القانوني لمكافحة الفساد بما يضمن تحصين القطاعات التي تعتبر أكثر عرضة له واسترداد الأموال العامة المنهوبة وتأمين منظومة محينة وفعالة لمكافحة الإثراء غير المشروع وحماية كاشفي الفساد والوصول إلى المعلومات بشكل سلس؛
– بناء منظومة صفقات عمومية أكثر تحصينا ضد الفساد؛
– توفير الشروط اللازمة لتعزيز الدور الرادع للقضاء في مكافحة الفساد إجمالا وفي منع الإفلات من العقاب؛
– تفعيل الإطار المؤسسي لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وإنشاء مؤسسة وطنية لمحاربة الرشوة والفساد؛
– نشر الوعي بالآثار المدمرة للفساد وترسيخ قيم وسلوكيات النزاهة لدى الأجيال الصاعدة.
لكن علينا جميعا أن ندرك وكما أكد على ذلك صاحب الفخامة في خطاب تنصيبه أن الحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير حرب الجميع: حربُ المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من علماء وأئمة وساسة ومثقفين وقادة رأي ومجتمع مدني وصحافة ومؤثرين اجتماعيين ولا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع.
وإن نجاح كل هذه التدابير في مكافحة الفساد وتحسين الحكامة وإنجاح الإصلاحات المجتمعية العميقة وتسيير التغيير عموما رهينٌ بقيام إصلاح جذري لإدارتنا العمومية. وفي هذا الإطار ستعمل الحكومة على عصرنة وعقلنة تنظيم الإدارة العمومية لتحويلها من إدارة إجراءات إلى إدارة مسؤوليات ومهارات ونتائج لتصبح فعاليتها أعلى وتخطيطها أدق ونهجها أكثر استشرافا وشفافية وأقرب للمواطن.
ولتحقيق كل ذلك ستعمل الحكومة على محاربة كل المسلكيات المنافية للشفافية والاستقامة أو لقيم وأخلاقيات العمل العمومي، وستقوم على وجه الخصوص بــ:
– تدقيق تنظيمي للإدارة العمومية بما يؤول إلى صياغة مخطط تنظيمي ملائم من منظور ترشيد بناها الإدارية والتسيير الرشيد لمواردها البشرية والمادية؛
– دعم وعصرنة الإدارة من خلال إطلاق برنامج واسع لرقمنتها؛
– إعداد ميثاق للخدمة العمومية بهدف تبني وتسريع وتحسين جودة خدمات الإدارة وتعزيز ثقة المتعاملين معها.
– وضع وتنفيذ خطط تكوين مكثفة للموظفين والوكلاء العموميين.
– تطوير نظام تسيير موظفي ووكلاء الدولة وتحسين ظروفهم خلال الخدمة وبعد التقاعد.
– وإن حاجتنا إلى هذا الاصلاح الإداري هي ذات حاجتنا إلى توطيد حكامة محلية فعالة لا غنى عنها لبلد مترامي الأطراف كبلدنا تستحيل تنميته المتوازنة بالاعتماد حصرا على التسيير المركزي.
وستتركز جهود الحكومة في هذا الإطار على:
– إعداد مخطط شامل للإصلاح الترابي يكون أساسا لتقطيع إداري جديد وخلق أقطاب تنموية متكاملة،
– وضع حد نهائي لظاهرة التقري العشوائي وعدم قبول أي عذر في ذلك وتشجيع ومواكبة كل مبادرة تهدف إلى تجميع القرى المتجاورة.
– تسريع وتيرة نقل الصلاحيات والموارد إلى المجالس الجهوية والبلديات،
– إيجاد الآليات المناسبة لاستخدام موظفي ووكلاء الدولة على المستوى الجهوي بصفة مشتركة من لدن المصالح القطاعية من جهة والهيئات اللامركزية من جهة أخري.
وإدراكا من الحكومة بأن تحقيق ما تهدف إليه من تعزيز الحكامة على مختلف المستويات يحتاج مشاركة واعية وفعالة من قادة الرأي والمثقفين والإعلاميين وهيئات المجتمع المدني فإنها ستعمل على تعزيز الرصد وحماية المبلغين عن المخالفات، وتوطيد حرية الصحافة وتسهيل الوصول إلى المعلومة ودعم الأنشطة التنويرية لنخبنا الثقافية.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
يتعلق المحور الثاني من محاور السياسة العامة للحكومة ببناء اقتصاد قوي وصامد ذي أداء مستدام بيئيًا.
وسيتركز عمل الحكومة في هذا المستوى على إحداث تحول بنيوي يفضي إلى معدلات نمو قوية ومستدامة تسمح بخلق النشاط والثروة الضروريين من جهة لتوفير فرص العمل بشكل متناسب مع الطلب على التشغيل ومن جهة أخرى لتعبئة الموارد العمومية اللازمة لتمويل البرامج الاجتماعية ودعم البنية التحتية الضرورية لاستدامة النمو والقضاء على الفقر والهشاشة.
ولتحقيق هذا الهدف ستعمل الحكومة في اتجاهات متعددة لكنها متكاملة من قبيل إطلاق الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتحرير الاقتصاد وتشجيع الاستثمار ودعم ومواكبة قطاعنا الخاص ليتمكن من لعب الدور المنوط به كمحرك رئيس لخلق الثروة والنمو وتنفيذ برنامج واسع لتطوير البنى التحتية الضرورية وكذلك من قبيل تطوير كل القطاعات التي يمتلك بلدنا فيها مقدرات اقتصادية مهمة وخصوصا منها تلك التي لنا فيها ميزات تفضيلية جلية. وسيكون البعد البيئي حاضرا في كل هذه الميادين وخصوصا في كل ما له علاقة بالاستدامة والحفاظ على المحيط البيئي.
أما بخصوص الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تحرير الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وتهيئة الشروط الضرورية للإقلاع الاقتصادي المنشود فستتم مراجعة مدونة الاستثمار وكذا مدونة الصفقات العمومية وقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص ومدونة الضرائب بما يضمن إعادة توزيع العبء الضريبي وإطلاق الإصلاح العقاري وتحقيق الأمن القانوني والقضائي للفاعلين الاقتصاديين وإصلاح نظامنا المصرفي.
وستشكل هذه الإصلاحات دعامة جهدنا في سبيل تحسين مناخ الأعمال وتحرير طاقات وإمكانات قطاعنا الخاص الذي تعتبره الحكومة شريكا أصيلا لن تألوَ جهدا في دعمه ومواكبته بحكم مركزية دوره في تحقيق النمو المنشود.
ولن تؤتيَ كل هذه الإصلاحات أكلها على الوجه المطلوب إلا بقدر ما تتوفر البنية التحتية المناسبة الداعمة للنمو والضرورية لتوفر عوامل الإنتاج بسعر تنافسي وفك العزلة عن مناطق الإنتاج وفتح الأسواق وتسهيل التجارة وهو ما ستعمل عليه الحكومة جاهدة من خلال:
أولا: إطلاق برنامج واسع في مجال البنى التحتية الطرقية العصرية يفك العزلة عن مناطق الإنتاج، ويفتح محاور طرقية تربط بلدنا بالأسواق الخارجية، وبناء طرق سيارة في المقاطع الأكثر حاجة لذلك. كما ستضع الحكومة على رأس أولوياتها إجراء دراسة الجدوائية لسكك حديدية تربط بلادنا بالأسواق المجاورة، وتحل مشكلة نقل بعض المناجم المكتشفة إلى موانئ التصدير كالفوسفات في لبراكنة والحديد في إينشيري، على سبيل المثال لا الحصر.
ثانيا: إعادة تأهيل وتوسيع وعصرنة البُنى التحتية المينائية الحالية: ميناء الصداقة، ميناء نواذيبو المستقل، ميناء خليج الراحة وميناء تأنيت، وتكييف ميناء انجاكو ليتناسب مع متطلبات المشاريع الغازية المستقبلية، وإنشاء بنى تحتية جديدة كبناء ميناء في المياه العميقة في نواذيبو، وميناء في اليابسة بكوكي الزمال، وميناء لمواكبة حاجة تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر.
ثالثا: تعزيز وتوسيع البنى التحتية في مجال النقل الجوي بالموازاة مع دعم ومواكبة الموريتانية للطيران كرمز لسيادتنا الجوية وكأداة محورية لتعزيز وتكثيف وضمان انسيابية الرحلات من وإلى بلدنا.
رابعا: إطلاق برنامج طموح لإنتاج وتوفير الطاقة الكهربائية بالقدرة والجودة والسعر الملبييْن بنحو ملائم لحاجات وحداتنا الاقتصادية وبالاعتماد على مخزوننا من الطاقات المتجددة.
خامسا: إطلاق مشاريع مائية كبيرة في مجال السدود وشق القنوات والمحاور المائية بشكل يغطي حاجات كل القطاعات الاقتصادية وخصوصا القطاع الزراعي.
سادسا: العمل على توفير بنية تحتية رقمية تتيح بالحد الأقصى الممكن الاستفادة من التقنيات الجديدة.
وإن كل ما تقدم في مجال الإصلاحات الهيكلية وتشجيع القطاع الخاص وتوفير البنى التحتية الضرورية إنما يراد منه الاستغلال الأمثل لمقدراتنا في مختلف القطاعات الاقتصادية وخصوصا التي نمتلك فيها ميزات تفضيلية وفرصا إنمائية واعدة كالزراعة والتنمية الحيوانية والصيد، والمعادن، والصناعة، والسياحة.
ففي مجال الزراعة يشكل تحقيق السيادة الغذائية وإطلاق ثورة زراعية الهدف الأسمى لسياسة الحكومة في المرحلة المقبلة إن شاء الله. وفي سبيل هذا الهدف فإنها ستعمل على تكثيف إنتاجنا من الأرز بنحو يعزز اكتفاءنا الذاتي من هذه المادة ويتيح لنا في المدى المنظور تصديرها. كما ستعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الخضروات والمحاصيل التقليدية وعلى تطوير زراعة الواحات وزراعة القمح والأعلاف، ولتحقيق هذه الأهداف ستركز الحكومة عملها على:
– توسيع المساحات الزراعية وتوفير المياه الضرورية من خلال شق المزيد من القنوات والمحاور المائية وبناء السدود واستصلاح المساحات الزراعية وإعداد وتنفيذ إصلاح عقاري عادل ومنصف؛
– فك العزلة عن المناطق الزراعية وكهربتها ودعم قدرات التخزين والحفظ والتبريد والنقل؛
– مواصلة سياسة الإعفاء الضريبي للتجهيزات والمدخلات الزراعية؛
– العمل على مكننة الزراعة المطرية؛
– العمل على تعبئة الموارد المالية الضرورية لتمويل القطاع الزراعي مع تسهيل النفاذ إليها؛
– إطلاق برنامج واسع للبحث والتكوين والإرشاد في مختلف الشعب الزراعية بالاعتماد على مؤسسات البحث والتكوين المهني والتعليم العالي الوطنية.
أما في مجال التنمية الحيوانيّة، فستسعى الحكومة إلى دمج هذا القطاع الحيوي بصورة فعلية في الاقتصاد الوطني عبر رفع الإنتاجية وتعزيز التصنيع والتسويق بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الألبان والوصول إلى مرحلة تصدير اللحوم الحمراء، إضافة إلى تثمين شعبتي الدواجن والجلود. وسيتم كل ذلك من خلال:
– العمل الناجع على تحسين البيئة العامة للتنمية الحيوانية وتطوير البنى التحتية المتعلقة بها في إطار رؤية تنموية مستدامة للقطاع؛
– رفع مستوى العناية بالصحة الحيوانية من خلال جعل التطعيم ضد الأوبئة الحيوانية الأكثر انتشارا وخطورة إجباريا لكنه سيكون مجانيا، وبالمراقبة الوبائية وبتطوير الصحة البيطرية العمومية؛
– خلق البنى التحتية الضرورية لتصدير اللحوم الحمراء من خلال تشييد حظائر الحجر والمسالخ العصرية.
– تشجيع ومواكبة التحول إلى نمط التربية الكثيفة والتحسين الوراثي للسلالات اللبونة؛
– صياغة وتنفيذ سياسة فعالة لتسيير المراعي وعقلنة مسارات الانتجاع وتحصيل البدائل مثل زراعة الأعلاف وتوفير المياه الرعوية للتخفيف من تأثير فترات نقص الأمطار على الماشية؛
– العمل على تقديم الحوافز لصالح الاستثمار الخصوصي في قطاع التنمية الحيوانية من خلال إعفاءات ضريبية مناسبة للمعدات والتجهيزات المرتبطة بالإنتاج والتصنيع وخلق الآليات الفعالة لاستفادة القطاع من التمويلات العمومية والخصوصية المتاحة؛
وفي مجال الصيد البحري فإن دعائم وأهداف السياسة العامة للحكومة ستتمحور بإذن الله حول الاستغلال المستديم والمسؤول للبحر وثرواته تعزيزا للتحول إلى الاقتصاد الأزرق، وتبني مقاربة متكاملة لترقية الصناعات التحويلية لمنتجات الصيد وزيادة قيمته المضافة. وفي هذا الإطار سيتم على وجه الخصوص:
– توسيع وتطوير وتجهيز البنى التحتية المينائية وبنى التخزين والحفظ والتبريد لتشجيع تفريغ كل منتوجنا على اليابسة؛
– اعتماد استراتيجية مناسبة لتجديد الأسطول وضمان صيانته؛
– ووضع آليات مبتكرة لتمويل سلاسل القيمة، في إطار ائتمان بحري ملائم؛
– القيام بتقييم لمختلف اتفاقيات الصيد مع شركائنا لحماية المصالح الوطنية؛
– تفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش؛
– ترقية البحث والتكوين؛
– وإيلاء اهتمام خاص بالصيد القاري واستزراع الأسماك.
وفي مجال المعادن، ستركز الحكومة جهودها على تنشيط هذا القطاع المهم بالعمل على زيادة إنتاج المناجم المستغلة حاليا وتسريع بدء استغلال مناجم ومعادن جديدة وتوسيع وتطوير البحث الجيولوجي الاستكشافي وتعزيز وتطوير الصناعات المعدنية التحويلية ووضع سياسة حازمة لضمان مراعاة النشاط المعدني لمتطلبات البيئة.
وفي هذا الإطار العام، ستعمل الحكومة على مراجعة مدونة المعادن لإحداث تأطير أفضل للنشاطات المعدنية من شأنه أن يحول دون اكتناز السندات المعدنية واحتكار المقالع؛ وإصلاح المؤسسات الوطنية المتدخلة في القطاع من أجل مزيد من التجانس في عملها والفعالية في أدائها، وكذلك إنجاز خارطة للمقدرات المعدنية لإبراز المعادن ذات الطابع الحرِج نظرا لأهميتها الاستراتيجية المستقبلية في مجال الانتقال الطاقوي.
كما ستواكب الحكومة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “اسنيم” في برنامجها الطموح الهادف إلى مضاعفة إنتاجها السنوي بهدف مضاعفة الإنتاج السنوي أفق 2029 والرفع من قيمته المضافة وتشجيع الشركة على الاستثمار في استكشاف واستغلال الذهب والنحاس.
وستواصل الحكومة الجهود الرامية إلى التأطير الجيد لنشاط التعدين الأهلي بما يضمن زيادة المستفيدين منه ويحقق دمجه في الدورة الاقتصادية ويحد من آثاره البيئية والمخاطر الأخرى المرتبطة باستغلاله.
وسيكون من أولويات الحكومة كذلك تسريع الجهود الرامية إلى الشروع في استغلال مناجم جديدة من قبيل اليورانيوم والفوسفات ولكلنكر، والجبس، والحديد، والذهب.
كما ستسعى الحكومة، عملا بتوجيهات صاحب الفخامة، على أن تجعل من بلدنا مركزا إقليميا للطاقة وخصوصا الطاقة منخفضة الكربون.
وفي هذا الصدد، تلتزم الحكومة بمواصلة الجهود الرامية إلى جعل بلادنا مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال وتطوير المراحل المستقبلية لحقل GTA آحميم، وتسريع تنمية حقل بيرالله، وتشجيع تطوير الحقول المكتشفة بالفعل مثل باندا وولاته وبيليكان وتيفيت، لتلبية حاجات السوق المحلية.
كما ستواصل دمج قطاع الغاز والنفط في النسيج الاقتصادي، وتعزيز إمكانات أحواضنا الرسوبية، من خلال وضع التدابير التحفيزية المناسبة لدعم مكانة البلاد كوجهة مفضلة للاستكشاف؛ مع التركيز على تطوير البنية التحتية لتخزين وتفريغ ونقل وتوزيع المنتجات البترولية.
وستضاعف الحكومة الجهد لاستفادة البلد القصوى من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة وعالية الجودة وما توفره من فرص تهيئنا للاضطلاع بدور رئيس في التحول الطاقوي بما تفتحه أمامنا من آفاق جديدة، خاصة في مجال الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته الصناعية.
وسعيا إلى ضمان زيادة معتبرة لمستوى استفادتنا من عوائد استغلال ثرواتنا الطبيعية بنحو منصف ستجعل الحكومة من ضمن أولوياتها وضع سياسة وطنية لتطوير المحتوى المحلي.
أما في مجال الصناعة فسيتم التركيز على بناء قاعدة صناعية تسهم في الرفع من القيمة المضافة لاستغلال مواردنا الطبيعية وفي تصحيح ميزاننا التجاري من خلال توطين صناعات تحويلية متنوعة توفر بدائل لبعض السلع المستوردة خصوصا تلك التي لا تتطلب تكنولوجيات معقدة أو رؤوس أموال كبيرة.
وفي هذا الإطار ستعمل الحكومة على إنشاء مناطق صناعية مجهزة بالخدمات الأساسية والمساعدة في تعبئة خطوط التمويل وتكوين الكفاءات الصناعية واليد العاملة الضرورية.
انطلاقا مما يمتلكه بلدنا من طاقات وموارد سياحية غير مستغلة ستعكف الحكومة، بالشراكة مع الفاعلين في قطاع السياحة، على تشخيص شامل للتحديات والعوائق التي تعترض هذا النشاط الاقتصادي المهم، وعلى اقتراح حلول عملية لتنشيطه وتطويره وتوسيعه. وستعطى الأولوية في هذا المجال للبنى التحتية والموارد البشرية والتعريف ببلدنا وبخصائصه السياحية.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
إن مختلف جوانب السياسة الحكومية، ما فصل منها في المحورين السابقين، وما سيعرض في بقية المحاور، تتوقف في تنفيذها الناجع وتحقيق غاياتها ومقاصدها على توفر رأس مال بشري ذي تكوين وتأهيل جيدين خاصة فئة الشباب فيه. فوجود رجال ونساء مسلحين بتكوين نوعي وصحة جيدة هو ما يتيح إنتاج القيمة المضافة وخلق الرخاء والازدهار.
وعملا على تكوين رأس مال بشري بهذه الخصائص ستركز الحكومة على رافعات خمس هي: التعليم والتكوين والتشغيل، والصحة، والثقافة، والرياضة.
ففي مجال التعليم سيكون هدفنا الأسمى العمل على توفير تعليم مُتميز عالي الجودة بِكوادر تعليمية مُؤهلة لِبناء مُواطن متجذر في هويته الحضارية ومُعتزّ بقيمه الوطنية ومنفتح على العالم.
تعليم يكسب أبناءنا الكفاءات والمهارات الضرورية ويحفزهم على الإبداع والابتكار ويهيئهم للانخراط السلس في الحياة الاجتماعية والمهنية.
وفي سبيل ذلك سنستمر في تعزيز وتكريس المدرسة الجمهورية في إطار تنفيذ متسارع للإصلاح التعليمي في مختلف جوانبه ومستوياته وخصوصا ما يتعلق بضبط الخريطة المدرسية وتعزيز وتطوير البنية التحتية وإصلاح البرامج والمناهج التعليمية وتوفير الدعامات التربوية المناسبة وتعزيز مكانة تدريس العلوم واستكمال الإصلاح اللغوي الذي سيسمح على وجه الخصوص بتدريس لغاتنا الوطنية.
كما سنحرص على تطوير وتعزيز التكوين الأولي والمستمر للمؤطرين والمدرسين مع منح الأولوية لكل ما من شأنه أن يجعلهم، ماديا ومعنويا، في ظروف تمكنهم من تأدية رسالتهم المقدسة على أكمل وجه.
وستحرص الحكومة في نفس المنحى على الانفتاح على كل شركاء العملية التربوية سعيا إلى إشراكهم الفعلي في التصور والمتابعة والتقييم. وفي هذا الإطار سيتم تفعيل أدوار رابطات آباء التلاميذ ولجان تسيير المدارس واتحادات الطلاب والنقابات المهنية.
وتعزيزا للمكانة الخاصة لتعليمنا الأصلي ودوره البارز في ترسيخ ثقافتنا الإسلامية وهويتنا الحضارية والحفاظ على ما تميزنا به تاريخيا كمركز إشعاع علمي وثقافي، فستولي الحكومة لهذه المكونة الأساسية من منظومتنا التربوية بالغ الأهمية، وسيتجسد ذلك في تثمين دور التعليم الأصلي في نشر التعليم ما قبل المدرسي وكذلك في زيادة الدعم للمحاظر مع العمل على إقامة جسور قوية بين مختلف مستويات التعليم الأصلي ونظائرها في التعليم النظامي.
ونظرا لما تقدم من كون الاندماج السلس في الحياة المهنية من أبرز أهداف المنظومات التعليمية، جعلت الحكومة من ترقية التعليم العالي والتكوين المهني هدفا مركزيا في سياستها التعليمية. ويتجلى ذلك فيما قررته من توسيع وتنويع عرض التكوين في مؤسسات التعليم العالي والمهني مع الحرص على مواءمته وحاجيات السوق. وفي هذا الإطار تخطط الحكومة في أفق 2029 لزيادة القدرة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي الوطنية بحيث تصل إلى 50 ألف طالب، وكذلك لتكوين 115 ألف شاب في مؤسسات التكوين المهني.
وفي استحداث قطاع وزاري جديد يلحق الصناعة التقليدية بالتكوين المهني تأكيد على ما توليه الحكومة من أهمية خاصة لهذا القطاع الفرعي الذي يجمع بين بعد المحافظة على تراثنا الأصيل والإسهام في النشاط الاقتصادي الصناعي.
وأما في مجال الصحة تعتزم الحكومة مواصلة الجهود الهادفة إلى توفير نظام صحي فعال يستفيد منه جميع مواطنينا من خلال:
– توسيع البنى التحتية الصحية وتطويرها من خلال تعزيز المنصات التقنية وإعداد الحد الأدنى من حُزم الرعاية والمعدات لكل مستوى من مستويات المنشآت الصحية؛
– التطوير المستمر لأقطاب التميز على المستوى الوطني وإنشاء مستشفيات مرجعية على المستوى الجهوي؛
– إطلاق برنامج واسع لدعم الصحة القاعدية والوقائية وتقليص الفوارق الصحية بين المناطق الحضرية والريفية اعتمادا على خريطة صحية معدة بطريقة موضوعية؛
– إرساء نظام تموين آمن وفعال لضمان توفر الأدوية الأساسية والمنتجات الطبية عالية الجودة. وفي هذا الإطار ستطلق الحكومة حربا لا هوادة فيها على مهربي الأدوية والمضاربين في أسعارها وجودتها. فلن تقبل الحكومة تحت أي ظرف التلاعب بصحة المواطن لأنه في الحقيقة لا صحة مع الدواء الفاسد أو المزور أو منتهي الصلاحية؛
– تعزيز نظام مراقبة الأوبئة عبر تطوير آليات التوقع والوقاية بشكل أفضل والاستجابة لحالات الطوارئ الصحية بشكل سريع وفعال.
– توسيع نطاق تغطية التأمين الصحي سعيا إلى تعميمه من خلال مواكبة توسيع خدمات الصندوق الوطني للتضامن الصحي والصندوق الوطني للتأمين الصحي.
– تطوير وتعزيز التكوين الأولي والمستمر للطواقم الصحية مع منح الأولوية لكل ما من شأنه أن يجعلهم، ماديا ومعنويا، في ظروف حسنة ومرضية.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
إن كل ما تبنته الحكومة من أهداف وأعدته من سياسات في مجال ترقية رأس المال البشري بالتعليم والتكوين وفي مجال السعي إلى إحداث تحول بنيوي يفضي إلى معدلات نمو اقتصادي قوية ليشكل عاملا أساسيا في حل معضلة البطالة التي تعطل طاقات شبابنا وتعيق إسهامه في المجهود الإنمائي الوطني. صحيح أن هذا العامل يحتاج إلى أن يعزز بكل ما من شأنه أن يساعد في التشغيل الذاتي من مواكبة وإرشاد وتيسير للتمويلات الضرورية وهو ما ستعمل عليه الحكومة جاهدة، بإذن الله، لكن لا بد لنا من العمل الفعال على التخلص مما فشا بين الشباب من عقليات ومسلكيات تنافي ثقافة تمجيد العمل وتقدير المهن على اختلافها وتثمين الجد والمثابرة.
إن شبابنا، عدتُنا وعتادُنا، حاضرا ومستقبلا، كما قال صاحب الفخامة الذي أراد لمأموريته هذه أن تكون بالشباب وللشباب؛ ولذا سيشكل تمكين الشباب والتشغيل أولى أولويات الحكومة.
وفي هذا الإطار سنعمل على تسريع وتيرة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل (2019 ـ 2030)، وذلك من خلال خطة عمل ثلاثية للفترة 2025 – 2027.
وإضافة إلى السياسات والإجراءات المبرمجة في إطار المحور الاقتصادي والمحور المتعلق برأس المال البشري والتي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية للتشغيل فإن الحكومة تعتزم إطلاق حزمة من البرامج تتكامل في سعيها إلى خلق أكبر عدد ممكن من فرص الشغل أمام مختلف فئات شبابنا العاطل عن العمل. وفي هذا السياق سيتم إطلاق مشاريع كبيرة للتشغيل في عدة قطاعات مثل الزراعة، والصيد، والتنمية الحيوانية، والمعادن، والخدمات.
ونظرا للأهمية القصوى التي تحتلها الرياضة في سياسات التمكين الساعية إلى الفعالية، فإن الاستثمار في المنشآت الرياضية مثل الملاعب والصالات الرياضية والفضاءات لتشجيع ممارسة الرياضة على كافة المستويات، سيأخذ الأولوية اللازمة، كما سيتم التجهيز التدريجيّ لعواصم الولايات والمقاطعات بالمنشآت الرياضية الحديثة، فضلا عن إعداد وتنفيذ خطة دعم للأكاديميات الرياضية وتنمية المواهب الشّابّة، وكذا تشجيع الأنشطة الشبابية وتنميتها، في إطار الأندية أو خارجها، هذا إضافة إلى إعداد دراسة لإنشاء وتمويل صندوق وطني لتطوير الرياضة، وأخرى لإنشاء البنية التحتية الضرورية لاستضافة منافسات رياضية قارية وعلى رأسها كاس الأمم الافريقية.
وتعزيزا لكل جوانب التمكين للشباب فستعمل الحكومة على إدخال الخدمة المدنية من خلال وضع الأطر التنظيمية التي تأخذ في الاعتبار خصوصيات بلادنا وشبابنا. وفي هذا الإطار سيتم خلال السنة الجارية إطلاق برنامج تجريبي يسمح بتعبئة مئات الشباب المتطوعين.
وستتيح هذه الخدمة لآلاف الشباب فرصة المشاركة في أنشطة ذات نفع عام تخدم المجتمع.
إن حديثنا عن الشباب يشمل كل الشباب بمن فيه شبابنا في المهجر. وستعمل الحكومة على إيجاد الآليات المثلى التي تضمن استفادة بلدنا من أبنائه وبناته الذين استطاعوا بطموحهم وبجدهم وخبرتهم أن يبنوا حياتهم في المهجر مع بقائهم متعلقين ببلدهم ومستعدين للإسهام في بنائه.
وإن من أبرز شروط نجاح مختلف محاور السياسة الحكومية في مجال تمكين الشباب تحصينه وتأمينه من أخطر آفات العصر الحديث من تطرف وإرهاب ومخدرات.
صحيح أن مقاربتنا في محاربة التطرف والإرهاب قد أثبتت نجاعتها إلى حد كبير، لكننا لا نزال بحاجة إلى برامج أكثر فعالية في مواجهة آفة المخدرات والإدمان وهو ما ستأخذه الحكومة بعين الاعتبار وعلى كافة المستويات ذات الصلة.
ونظرا لأن التمكين للشباب يجب أن يكون قائما على أساس متين من تعزيز وتجذر هويتنا الإسلامية والحضارية والثقافية لديه تلتزم الحكومة بوضع استراتيجيات قطاعية تهدف إلى النهوض بالأدوار التي يجب أن يلعبها قطاعا الشؤون الإسلامية والثقافة والفنون.
وعلاوة على ما تقدم، ستجعل الحكومة على رأس أولياتها تمكين قطاع الشؤون الإسلامية من لعب دوره المقدس في التوجيه والإرشاد والمحافظة على حرمة الشعائر والمقدسات الإسلامية. وستهتم الحكومة على وجه الخصوص بإطلاق الإصلاحات الضرورية الكفيلة بأن يؤدي المسجد دوره على أكمل وجه، وأن يتمكن بيت الزكاة من تأدية المهام التي أنشئ من أجلها، وأن تتطور المؤسسة الوقفية.
أما في ما يتعلق بالثقافة والفنون فستنصب جهود الحكومة على تنظيم وتطوير العمل الثقافي وتهيئة البيئة المناسبة للإبداع بهدف ترسيخ هويتنا الثقافية وتحقيق الريادة وتنميتها. وستعكف على تنفيذ استراتيجية ثقافية تساعد في الوقت نفسه على تعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي وتثمين الثقافات المحلية وقيم المواطنة من خلال تطوير وتحديث مختلف القطاعات الثقافية.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
إن كل محاور هذه السياسات العمومية، لا يمكن أن تتحقق على النحو المطلوب والمبتغى، إلا في إطار من الأمن والاستقرار الراسخين، وفي كنف من الوحدة الوطنية المتينة والانسجام الاجتماعي المتكامل.
ولذا، فسيشكل محور الأمن والاستقرار والحضور الدولي والإقليمي أبرز أولويات الحكومة من خلال بناء دولة قوية، قادرة على مواجهة التحديات الجيوسياسية، خاصة في ظل ما يشهده المحيطان الدولي والإقليمي من اضطرابات وعنف وإرهاب وحروب، يهدر كل فرص التنمية، ويهدد كيانات الدول في الصميم.
وتأسيسا على ذلك، فإن الحكومة ستولي بالغ العناية للترجمة الفعالة، لكل جوانب استراتيجيتنا الأمنية المندمجة، التي وضعها صاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك بتعزيز ما تحقق من مكاسب في هذا الباب بخصوص تطوير ودعم قدرات قواتنا المسلحة وقوات أمننا، لتحفظ بفعالية أمننا داخليا وخارجيا. وفي هذا الإطار تعتزم الحكومة إعداد وتنفيذ قانون برمجة مالية يسمح بتعزيز قدرات وجاهزية قواتنا المسلحة وقواتنا الأمنية من خلال اقتناء التجهيزات المتطورة الملائمة لخصائص التحديات المعاصرة.
كما ستولي الحكومة عناية فائقة لإشكالية الهجرة لما تنطوي عليه من تحديات أمنية واقتصادية وإنسانية جسيمة وذلك من خلال إعداد وتنفيذ استراتيجية فعالة لمكافحة ما كان منها غير نظامي وتسيير وضبط ما هو منها قانوني. فمع حرصنا على التقيد بالاتفاقيات التي تربطنا بالدول الشقيقة والصديقة والتزاماتنا الدولية فلن نتهاون أبدا مع كل ما من شأنه أن يمس أمننا وثقافتنا وطرق عيشنا.
من جهة أخرى ستستمر الحكومة في اعتماد سياسة خارجية نشطة قائمة على مبادئ الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وعلاقات الأخوة والصداقة والتعاون البناء، وتغليب الحوار والتفاوض والالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية ودعم القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية والمساهمة في استتباب الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا.
كل ذلك مع التركيز على تقوية دور بلادنا في الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وتعزيز علاقاتنا مع كافة الدول خاصة، دول الجوار وتلك التي تجمعنا بها علاقات تاريخية، ثقافية واقتصادية عريقة ومتينة.
هذا في ما يخص الأمن والاستقرار، أما فيما يخص الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي فقد أشرنا فيما تقدم إلى أن الموريتانيين شعب واحد، ينصهر كله في وحدة إيمانية وعقدية جامعة، ويوحده التاريخ المشترك وتجمعه القناعة الراسخة بوحدة المصير والمستقبل الواعد.
وبناء على ذلك، ستعمل الحكومة على جبهتين أساسيتين:
الجبهة الأولى: ستركز على القضاء على رواسب العقليات البائدة والتراتبيات الوهمية والصور النمطية الزائفة من خلال العمل على ترسيخ قيم ومبادئ خطاب وادان وإعلان جول وترجمتهما في خطة عمل تتكامل مختلف محاورها في مواجهة النفس القبلي والفئوي والتعصب الشرائحي والطبقي والتمييز على أي أساس كان.
وفي هذا الإطار ستعمل الحكومة على المشاركة الفعالة للعلماء والمثقفين وقادة الرأي، والمجتمع المدني، لكسب هذه المعركة الفكرية والاجتماعية. وقبل هذا وذاك، ستعزز سيادة القانون، والمساواة أمامه.
وستسعى الحكومة أيضا إلى إيجاد الصيغ المناسبة للتضميد النهائي للجراح التي خلّفها الإرث الإنساني.
أما الجبهة الثانية: فستنصب الجهود فيها على القضاء على التفاوت الاقتصادي البين، وما ينشأ عنه من اختلال في توزيع الثروة والفرص وعلى توفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وفك عزلة. كما ستتم مواصلة مختلف البرامج الاجتماعية التي تستهدف المواطنين الأقل دخلا مع ضمان تكاملها وعدالة معايير الاستفادة منها. كما سيتم التركيز، بإذن الله، على تمكين المرأة بحيث تؤدي دورها الريادي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا على الوجه الأمثل.
وفي هذا الإطار سيتم تقييم وإعادة توجيه البرامج المنفذة من طرف المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء (تآزر) ومختلف الهيئات الحكومية المتدخلة في هذا المجال، سعيا إلى تحسين وتقوية أثرها الإيجابي على المواطنين المستهدفين. وسيُعمد في هذا الإطار إلى مراجعة السجل الاجتماعي وإعادة تنظيم برنامج “التموين” وبرنامج “التكافل” وبرنامج “البركة” وبرنامج “داري”.
كما سيتم تعزيز البرامج المنفذة لصالح “أصحاب الهمم” وذوي الأمراض المزمنة.
وستستمر الحكومة في دعم فرص دخول الأطفال المنحدرين من أسر السجل الاجتماعي إلى مدارس الامتياز من خلال تخفيض العتبة التي تشترط في قبولهم ومن خلال استفادتهم من برنامج تأطير ودعم مدرسي خاص.
كما ستحرص الحكومة على ضمان الشفافية وتساوي الفرص في كل مسابقات الاكتتاب التي تنظمها الوظيفة العمومية أو المؤسسات العمومية، وستعمد إلى إعطاء الأولوية للشباب المنحدرين من الأسر الأقل دخلا في كل برامج التشغيل الذاتي وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
أما على مستوى توفير الخدمات الأساسية، وخصوصا في مجال المياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل الحضري وفك العزلة، فستكون أولى الورشات في هذا المجال هي الشروع في إصلاح شامل وعميق لمجموعة الشركة الوطنية للكهرباء والشركة الوطنية للماء من أجل أن تصبحا قادرتين وبشكل مستدام على توفير خدمتي الماء والكهرباء لكل المواطنين.
وستعكف الحكومة في هذا الإطار على توسيع وإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية وزيادة الإنتاج مع مضاعفة المزج الطاقوي وعصرنة التسيير الإداري والمالي والتجاري للشركة ومحاربة التحايل والغش في التوصيلات بالشبكة وفي الفوترة. وبشكل أخص سيطلق بناء خط الأمل الكهربائي الرابط بين نواكشوط والنعمة وبناء وتشغيل محطة كهربائية تعمل بغاز حقل بندا وأخرى في انجاكو تعمل بغاز حقل آحميم ومحطات للطاقة الشمسية. كما سيتم تسريع الأعمال في المشاريع الجاري تنفيذها حاليا والهادفة إلى ربط عشرات المدن والقرى بالشبكة الكهربائية.
في مجال المياه، ستعمل الحكومة على تأمين تزويد نواكشوط بحاجاتها من المياه ومن مصادر مختلفة: من آفطوط الساحلي، وإديني، ومن خلال تحلية مياه المحيط، وستعمل على نفس الإجراءات لتأمين مدينة نواذيبو من مصادر مختلفة بالمياه الصالحة للشرب.
كما ستعكف الحكومة أيضا على إطلاق برنامج واسع لتوفير المياه في كل القرى والمدن التي يزيد عدد سكانها على 500 شخص، وستعطي الأولوية في هذا الإطار لعواصم الولايات والمقاطعات والمدن الكبيرة التي تعاني حاليا نقصا في مياه الشرب.
وفي مجال النقل، ستواصل الحكومة، وخصوصا من خلال سلطة تنظيم النقل، برامج تطوير هذا القطاع. كما سيتم في إطار ترقية النقل الحضري تسريع إنجاز برنامج حركية نواكشوط الذي سيخصص محاور طرقية محجوزة للنقل الحضري وبأسطول باصات حديثة. وستعمل الحكومة على إطلاق برنامج لتنظيم وتحديث أسطول النقل الحضري في المدن الكبيرة كما ستعمل على إطلاق دراسة الجدوائية لبناء خط للنقل الحضري من خلال قطارات “الترامواي” في نواذيبو ونواكشوط، والمبادرة إلى بنائه إن تأكدت جدوائية ذلك.
ووعيا من الحكومة لمشاكل العُزلة لبعض المدن والمناطق الحيوية فستطلق برنامجا على المدى المتوسط والقصير يسمح بربطنا بشبكة الطرق الوطنية.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون،
تلكم هي الخطوط العريضة للسياسة العامة التي تعتزم الحكومة تطبيقها إنفاذا لتعليمات صاحب الفخامة وتجسيدا لطموحه للوطن. وستترجم مختلف محاور هذه السياسة العامة، في استراتيجيات قطاعية بأهداف محددة وخطط عمل مفصلة مقرونة بمؤشرات متابعة دقيقة وقابلة للقياس ستعرض عليكم بإذن الله، وفقا للدستور بداية كل سنة، إن شاء الله.
كما سيتم العمل على تعبئة الموارد المالية الداخلية والخارجية الضرورية للتنفيذ الفعال لمختلف الاستراتيجيات وخطط العمل القطاعية. وفي هذا الإطار ستسارع الحكومة إلى التحضير الجيد لطاولة مستديرة بمشاركة كل شركائنا في التنمية قبل نهاية النصف الأول من سنة 2025. كما سيتم إعداد وتنفيذ خطة عمل شاملة لتعبئة الموارد الداخلية وفقا للهوامش التي يسمح بها التأطير الماكرو اقتصادي الذي يحفظ التوازنات الكبرى.
وفي انتظار إعداد السياسات القطاعية وتعبئة الموارد المالية الضرورية ستتركز أولويات العمل الحكومي خلال الأشهر المتبقية من العام 2024 في خمس ورشات أساسية:
أولا: تسريع إنجاز المشاريع الكبري الجاري تنفيذها حاليا؛
ثانيا: رفع كل التحديات التي تعيق أو تبطئ إطلاق بعض المشاريع الأخرى التي اكتملت تعبئة الموارد الضرورية لتنفيذها؛
ثالثا: تصور وإطلاق برامج عاجلة لتحسين ظروف المواطنين؛
رابعا: إشراك المواطنين في متابعة ومراقبة العمل الحكومي؛
خامسا: إطلاق بعض الدراسات الضرورية لتنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية التي ورد ذكرها في إعلان السياسة العامة للحكومة.
وسيكون تفصيل الأنشطة المبرمجة على مستوى مختلف هذه الورشات على النحو التالي:
فعلى مستوى الورشة الأولى ستعمل الحكومة على تسريع العمل ورفع كل العراقيل التي تعترض إكمال بعض المشاريع الكبرى بهدف استلامها قبل نهاية العام الجاري وبدء استخدامها من طرف المواطن. أهم هذه المشاريع:
1 – إعادة تشغيل مصنع الشركة الوطنية لصناعة الألبان في النعمة؛
2 – إكمال تهيئة وتشغيل مزرعة إنتاج الحليب النموذجية في تمبدغة؛
3 – تشغيل محطة تحلية المياه بنواذيبو بسعة 5000م3 في اليوم؛
4 – استلام قرية الصناعة التقليدية في نواكشوط؛
5 – إنهاء الأشغال في جسر مدريد أو ما يسمى ب “جسر الصداقة”، ودخوله في الخدمة؛
6 – إنهاء الأشغال في جسر الحي الساكن ودخوله في الخدمة؛
7 – إطلاق برنامج النقل الحضري: حركية نواكشوط على الأقل على مستوى محورين أساسيين؛
8 – تسلم مصنع معالجة النفايات والصرف الصحي في سوق السمك والبدء في استخدامه؛
9 – إنهاء الأشغال وتسلم توسعة مركز الاستطباب الوطني؛
10 – تجهيز وبدء استخدام مستشفى سيلبابي؛
11 – إنهاء الأشغال وتسلم توسعة المركز الوطني للتخصصات ودخولها في الخدمة؛
12 – إكمال مشروع كهربة المناطق الزراعية في الضفة ودخوله في الخدمة؛
13 – تجهيز وتشغيل السجن الجديد بنواكشوط الجنوبية لتخفيف معضلة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية.
أما فيما يخص الورشة الثانية فستتضافر فيها الجهود من أجل وضع حجر الأساس لتسع مشاريع مهمة اكتملت تعبئة الموارد المالية الضرورية لتنفيذها. ويتعلق الأمر بالمشاريع التالية:
1 – المكونة الأولى لمشروع الصرف الصحي لمدينة نواكشوط والتي ستغطي بإذن الله مقاطعات تفرغ زينه ولكصر والسبخة وجزء من الميناء.
2 – مشروع تزويد كيفة بمياه الشرب وخصوصا المكونتين الأولى والثانية.
3 – مشروع تعزيز وتأمين تزويد مدينة نواكشوط بالمياه انطلاقا من إديني بقدرة (60.000 متر مكعب لليوم).
4 – مشروع فك العزلة عن مزارع قناة آفطوط الساحلي عبر بناء طريق جديدة تربط هذه القناة بطريق نواكشوط _ روصو.
5 – وضع حجر الأساس لمشروع بناء مستودعات المحروقات في نواكشوط بسعة 100000 متر مكعب.
6 – الشروع في بناء مطعم جامعي بسعة 2000 طالب.
7 – إطلاق المرحلة الثانية من برنامج تغطية المناطق الحدودية بشبكة الاتصال والتي ستغطي الشريط الفاصل بين ولد ينج وفصالة.
وفي إطار الورشة الثالثة، ستتخذ الحكومة عدة إجراءات عاجلة وستعد وتنفذ سلسلة من برامج التدخل قاسمها المشترك هو السعي إلى تحسين ظروف عيش وسكن مواطنينا وخصوصا الأقل دخلا منهم، من خلال تعبئة ما هو متوفر من إمكانيات وهوامش تحرك في انتظار البدء في التنفيذ الفعلي للسياسات العامة التي عرضت أعلاه.
ومن أهم الإجراءات والبرامج الاستعجالية التي سيبدأ العمل فيها، بإذن الله، في الفترة المتبقية من السنة البرامج العشر التالية:
1 – البرنامج الاستعجالي لتثبيت وخفض ودعم أسعار بعض المواد الأساسية كالقمح، والأرز، والسكر، والزيت واللحوم والأسمنت، وسيتم ذلك أساسا من خلال مراقبة مخزون المواد الأساسية في السوق ومنع المضاربة والاحتكار وتحديد سعر أعلى يأخذ بعين الاعتبار سعر الوصول وهوامش ربح منطقية يتم تحيينه في فترات متقاربة.
لن يكون مقبولا أبدا المضاربة على أسعار المواد الأساسية، أو احتكارها، وستكون الحكومة بالمرصاد لكل من تسول له نفسه محاولة زيادة هامش ربحه على حساب قوت المواطن، وقناعتنا وأملنا كبيرين في تعاون ومواكبة مهنيي قطاع التجارة في تحقيق هذا الهدف.
ولا يسعني هنا إلا أن أنوه بالعمل الكبير الذي تمخض اليوم عن اتفاق يقضي بتحديد أسعار المواد الأولية طيلة الأشهر المتبقية من السنة، على أن يتم تجديدها بداية السنة المقبلة، ويعتبر هذا العمل مثالا حيا لما يمكن أن تثمره الشراكة والثقة بين الحكومة والقطاع الخاص، بموازاة ذلك ستعكف الحكومة على تفعيل برنامج “التموين”’ من خلال زيادة الكميات وضمان وصولها للمواطن.
2 – البرنامج الاستعجالي الثاني هو التأمين الصحي لكل طلاب التعليم العالي.
3 – البرنامج الثالث هو برنامج تجريبي للتكوين والتشغيل الذاتي وستستفيد منه بإذن الله 500 شاب منها 200 شاب سيتم دمجهم في القطاع الزراعي.
4 – البرنامج التجريبي للخدمة المدنية بمشاركة 500 شاب.
5 – البرنامج الاستعجالي لتحسين جودة وتغطية الاتصالات من خلال فرض احترام شركات الاتصال لدفاتر التزاماتها وفرض قيامها بالاستثمارات الضرورية من أجل توفير التغطية والخدمة الجيدة في بعض المناطق، وقد تم الاتفاق مع بعض شركات الاتصال على برنامج محدد لتحسين جودة وتغطية الخدمة تنتهي مرحلته الأولى يوم 22 سبتمبر 2024، ولن يكون هناك أي تهاون في حال عدم تنفيذه كما اتفق على ذلك.
6 – البرنـــامج السادس هو برنامج تجريبي: ”أنواكشوط مدينة يسهل العيش فيها”: يتعلق الأمر ببرنامج تجريبي سيطلق في بلديات نواكشوط التسع يهدف إلى تضافر جهود كل القطاعات الوزارية لحل أكثر المشاكل إلحاحا وضغطا على سكان مختلف أحياء العاصمة. وسيعد هذا البرنامج وينفذ بشكل تشاركي بين القطاعات الوزارية المعنية والإدارة المحلية والمنتخبين كما سيشتمل على مكونة تطوعية.
7 – البرنامج الاستعجالي لفك العزلة عن بعض المناطق والقرى: يتعلق الأمر هنا بإعداد برنامج استعجالي ستطلق أشغاله قبل نهاية السنة ويهدف إلى رفع المعاناة عن بعض القرى والمناطق المعزولة وعن بعض مناطق الإنتاج.
8 – البرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل الشركة الوطنية للكهرباء: يشمل هذا البرنامج مكونتين أساسيتين أولاهما ستنفذ في الأمد القصير (ثلاثة أشهر) والثانية ستنفذ في سنة. ويهدف هذا البرنامج إلى إعادة تأهيل وإصلاح وتوسيع الشبكة الكهربائية في نواكشوط، وزيادة حجم إنتاج الطاقة الكهربائية ومكافحة الغش والتحايل وتنفيذ إصلاح مؤسسي وإداري ومالي شامل لمجموعة صوملك.
9 – البرنامج الاستعجالي لتنظيم حركة المرور والحد من الاختناقات المرورية في مدينة نواكشوط: ويهدف هذا البرنامج إلى الحد من الاختناقات المرورية في نواكشوط وفرض الالتزام بقوانين السير. وسيشمل فتح محاور طرقية جديدة وتوسعة الطريق العام ومنع احتلاله وزيادة عدد إشارات المرور في المفترقات الطرقية ونقل المخازن خارج المدينة وتنظيم دخول الشاحنات إلى الوسط الحضري وتشييد مواقف للسيارات وتشديد الرقابة وفرض احترام القانون بالاستعانة بما تتيحه تكنلوجيا الاتصال من إمكانات.
10 – توسعة وتبسيط المنصة الرقمية “العقود” لتلبية كل طلبات المواطنين في مجال المعاملات العقارية.
أما الورشة الرابعة فتهدف إلى إشراك المواطن وممثليه في مراقبة ومتابعة العمل الحكومي من خلال ثلاث مبادرات سيتم إطلاقها في الأسابيع القادمة إن شاء الله، يتعلق الأمر ب:
1 – آلية لتعزيز المراقبة الشعبية على العمل الحكومي: ستعد الحكومة منصة رقمية وستضعها تحت تصرف الجمهور لتمكينه من تقديم شكاياته ومظالمه والإبلاغ عن كل اختلال أو خرق للقانون تتم ملاحظته. وستتم معالجة كل المعلومات التي ترد على هذه المنصة واتخاذ الإجراءات المناسبة على أساس ذلك.
2 – برنامج منصات مجتمع المدرسة: ستعكف الحكومة في الأسابيع المقبلة بإذن الله على إنشاء منصات رقمية على شكل مجموعات تضم كافة المتدخلين والمهتمين بالعملية التربوية على مستوى كل مقاطعة: مديري مؤسسات التعليم، المفتش المقاطعي، حاكم المقاطعة، ممثلي آباء التلاميذ، العمد، النواب، المدير الجهوي للتعليم، ممثلا عن الولاية، ممثلين عن الإدارات المركزية في وزارة التربية، ممثلا عن وزارة المالية ومستشارا أو مكلفا بمهمة في الوزارة الأولي. ستشكل هذه المجموعة مجالا لتبادل الآراء والمعلومات حول واقع كل مؤسسة تعليمية وحاجاتها من كتب وأدوات مدرسية وبنية تحتية وطاقم تدريسي؛ لاتخاذ الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب. كما ستشكل أداة لتبادل التجارب وقاعدة لتكريم المؤسسات والمعلمين والأساتذة المتميزين على مستوى كل مقاطعة، وبهذه المناسبة سيدرج بند في ميزانية وزارة التربية مخصص لتشجيع ومكافأة أحسن مدرس وأحسن مدير مدرسة على مستوى كل مقاطعة، وسيتم اختيار المتميزين من خلال هذه المنصات.
3 – برنامج منصات مجتمع الصحة: إن فكرة منصات مجتمع الصحة مشابهة لفكرة منصات مجتمع المدرسة إذ تهدف إلى خلق التواصل الدائم بين مختلف الفاعلين والمهتمين بالصحة العمومية.
أما في إطار الورشة الخامسة فستطلق الحكومة، إن شاء الله، الدراسات الضرورية لتنفيذ بعض الإصلاحات الجوهرية المبرمجة في إعلان السياسة العامة. ومن أهم الدراسات التي سيتم البدء فيها قبل نهاية السنة إن شاء الله:
1 – دراسة إصلاح نظام التقاعد؛
2 – دراسة محضرة لمشاورات ثلاثية لاقتراح مراجعة الحد الأدنى للأجور؛
3 – دراسة لمراجعة مدونة الصفقات العمومية؛
4 – دراسة لمراجعة قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص؛
5 – دراسة لمراجعة قانون الاستثمار؛
6 – إطلاق دراسة لإنشاء وكالة وطنية للدراسات وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية.
7 – تدقيق إداري ومالي لمجموعة الشركة الوطنية للكهرباء.
8 – تدقيق إداري ومالي للشركة الوطنية للماء.
9 – دراسة الجدوائية لخطوط سكك حديدية، أولاها تربط شوم بنواكشوط مرورا باكجوجت وثانيها تربط نواكشوط بالحدود المالية مرورا ببوفَلْ.
10 – دراسة الجدوائية لخط نقل بالترامواي بنواذيبو
11 – مراجعة وتكملة المنظومة القانونية المنظمة للهجرة.
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة والسيدات النواب المحترمون
إنني مدرك أن نجاح عمل الحكومة على أي محور من محاور هذه السياسة العامة رهينٌ بدعم هيئتكم الموقرة وبمواكبة الشعب الموريتاني عموما.
ونظرا لقناعتي الراسخة بأن الاحترام الصارم لمبدأ فصل واستقلال السلطات وكذا الشفافية والحوار والنقاش والاحترام المتبادل والتنسيق الفعال وإشراك الجميع هو مفتاح النجاح في تدبير الشأن العام؛ فإنني سأجعل من هذه الضوابط إطارا لتنفيذ مختلف جوانب السياسة العامة للحكومة التي أتشرف بأن أتحمل وفقا للدستور مسؤولية الحكومة على أساسه.
وستعمل الحكومة جاهدة على أن يكون الطابع العام لعملها متسما بالتضحية وبالجدية وبالفعالية في الإنجاز والعقلانية في الخيارات والشفافية والنزاهة في تعبئة واستخدام الموارد العامة للدولة والحرص الفائق على القرب من المواطنين ومساواتهم أمام العدالة وأمام الطلبية العامة وفي ولوجهم لفرص العمل في المرفق العمومي إجمالا وإجمالا في الكرامة وفي الحقوق وفي الواجبات.
وإنني على ثقة ويقين بأننا قادرون، بتعاضدنا وقوة عزائمنا، وبالتنفيذ المحكم لبرنامج صاحب الفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني طموحي للوطن ومع ما تبشر به آفاقنا الواعدة من فرص متنوعة أن نجسد معا أملنا في وطننا الذي نريده جميعا وطن المحبة والإخاء والتآزر والعدل والمساواة والتنمية المستديمة الشاملة. وكلي أمل أن ينال هذا البرنامج ثقتكم ودعمكم.
شعبنا يستحق كل خير وكل جهد وكل تضحية، بلدنا أمانة في أعناقنا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ صدق الله العظيم.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير العباد والبلاد، وبارك الله الجهد ووفق القصد، إنه وليّ ذلك والهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.