على بعد أيام قليلة من إقامة مراسم الاحتفال الرسمي باليوم الوطني لبلادنا.. تحبس أنفاس عميقة من التأهب استعدادا لتحريرها صبيحة يوم الثامن و العشرين من نوفمبرِ هذا العام التاسعِ عشرَ بعد الألفين، زفرة زجرٍ في وجوه البغاة الأعادي تطفئ في أرواحهم الشمعة التاسعة والخمسين، من عمر دولتنا الوطنية.
ومن بين أطواد اينشيري الشامخة، شموخ هِمم أهلها، ستشرق شمس الاحتفالية الكبرى بيوم المجد العظيم، ومن درتها اكجوجت، تحديدا، سيعلو العلم الوطني، بألوانه المُعبَرةِ، قممها السامقة، وترتقي مع خفقه في سماء الوطن الحر معان السمو الوطني، وصوره الحسية الوارية.
إن شهر العزة والكرامة "نوفمبر" المجيد سانحة سنوية تتشح ملامح الأمة الموريتانية فيها بثوب الإباء الوطني، المُتجددةِ خيوطه مع كل إطلالة نوفمبرية أثيرة.. شهر يرتبط في الذاكرة الوطنية بلحظة إعلان نشأة وطننا، وخروج شعبنا بكامله من تحت عباءة الاستعمار الإمبريالي الغاشم .
وعلى عادته، منذ أزيد من نصف قرن، يناول نوفمبر في كل عام معانقيه كؤوسا مترعة بأقصوصات قهر جيل التأسيس لإرادات معادية كثيرة، ضغطت خفتا وجهرا للنيل من كرامتنا، قبل أن يسلمنا للحديث عن بطولات مجاهدينا البواسل، فننتقل، لا شعوريا، إلى ميادين كر وفر، سَلبت من المعتدي عيرا ونفيرا، وشهادات ثمينة ببسالة، وإقدام الرعيل الأول من بررة أبناء هذا المنكب البرزخي المقاومين.. فندخل حالة من التماهي مع تسلسل الأحداث تجعلنا نستدعي الإرهاصات الأولى لبداية تشكل الوعي الوطني بالهوية المجتمعية الواحدة، وبتجذر أصول الشعب، وفروعه في مفازات هذا المحيط الصحراوي، الزاخر باليواقيت من كل صنف ونوع.
و بالمقابل، ندون نحن "المحتفلين" في سفر نوفمبر المحفوظ جديد نهضتنا، ونقيس مستوى تطورنا، ونتحسس مكامن النقص، ونجدد لله، إيمانا بالوطن، قسما لسنا فيه بحانثين: " أن ندفع مهجنا رخصية "لقاء شموخه، وبقائه ركنا ركينا للعدل، وحصنا حصينا للقيم الإنسانية الخالدة، وورشة تطور وازدهار، وواحة وحدة ووئام.